تقرير/ ابراهيم الهنداوى
بدأت تشريعات الإيجار القديم عام 1920 عندما منع المالك من طرد المستأجر إلا بحكم قضائي مسبب، ثم جاءت قوانين 1941 و 1952 لتضع قيودا إضافية أبرزها منع رفع الإيجار وتثبيته بقيمة مخفضه، الأمر الذي تسبب في خلل كبير في العلاقة بين الطرفين، هذا الوضع جعل المستأجر يتمتع بمزايا غير متناسبة مع واقع الإقتصاد؛ بينما يعاني الملاك من قيمة إيجارية لا تواكب تطورات الزمن.
فلقد آن الأوان لوضع حلول جذرية لأزمة الإيجار القديم، ذلك الملف الشائك التى لم تجرؤ الحكومات السابقة في العقود الماضية أن تقتحمه لحل إشكالياته وتحقيق التوازن والعدالة في العلاقة بين المالك والمستأجر؛ فقانون الإيجار القديم يتعلق بملايين المواطنين وهناك حالة اشتباك قائمة بين الطرفين بسببه منذ عشرات السنين، ورغم ذلك كانت هناك بعض المحاولات البرلمانية لفتح هذا الملف وإجراء تعديلات تشريعية على القانون لخلخلته لكن بعض الظروف حالت دون استكمال هذه الخطوات.
ثم جاء الحكم التاريخى التى أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعد سنوات من المنازعات بين الملاك والمستأجرين،
ليقضي بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى والثانية من القانون 136 لسنه 1981 المعروف بقانون الايجار القديم و في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، لينهي حالة الشد والجذب وهو ما يمهد الطريق لإحداث تغيرات جذرية في العلاقة بين المالك والمستأجر التي إستمرت على حالها منذ 43 عاما، وفي الوقت ذاته يثير العديد من التساؤلات.
فكان أول التساؤلات من الشارع المصرى مابين مؤيد ومعارض، حيث قال الاستاذ/" محمد عبد النعيم" المقيم بمنطقة حي العجمى أقصى غرب محافظة الإسكندرية
« أنا مؤيد لحكم الدستورية، وأصفه بأنه تاريخى، فهذا القانون جاء للإنصاف، وليس العكس».
أما عن وجهة النظر الأخرى جاءت من الأستاذ /" ياسر منصور" المقيم بمنطقة حي المنتزه أول قال« أنا معارض للحكم، فيستحيل تطبيقه على هذا المنطوق، وإذا طبق بهذا الشكل سيكون ظالما لأكثر من ميليوني شخص من المقيمين فى الإيجارت القديمة على مستوى الجمهورية، فكيف تستقيم الأمور هكذا، وكل يوم نواجه إزدياد مهول في الأسعار، والعقارات وكل شيء يحيط بنا، أنا معارض للحكم بشدة» .
هكذا كانت آخر كلمات رأي الشارع المصرى مابين مؤيد، ومعارض.
أما عن الجانب الآخر من القانونيين، والبرلمانيين،
فجاءت في صيغة سؤال وجواب، وكانت البداية من مكتب
الأستاذة/" بدر أحمد كامل " المحامية بالنقض والمستشار القانونى لكافة الإستشارات القانونية.
س/ مارأيك القانونى في حكم المحكمة الدستورية؟
« الحكمه من فلسفة القوانين أنها شرعت لتحقيق الحقوق والواجبات، فكل حق فى مقابله واجب، ولابد من تحقيق الموازنه فى المصالح خاصة فى الحقوق المدنية ومنها العلاقه بين المؤجر والمستأجر.
وتتابع.. "بدر " ظهر مؤخرا حكم جديد من المحكمة الدستورية وهو من الأحكام الكاشفة التى طالما انتظرها الملاك الذين قد ظلموا من جراء تطبيق قانون الايجار القديم.
هذا الحكم يعد تمهيدا لإنهاء العلاقه الإيجارية القديمة، وقد سبق وأن تم تقرير إنهاء العلاقات الإيجارية للأشخاص الإعتبارية على أن يتم زيادة الأجرة بنسبة 15٪
على أن تنتهى العلاقة خلال خمس سنوات.
وكان ذلك تمهيدا لما سوف يحدث بخصوص الشقق السكنية الخاضعة للقانون القديم، وقد نوهت المحكمة الدستورية إلى ضرورة إنهاء تلك الإشكالية لتحقيق الأجرة العادلة وتحقيق المصلحة للملاك الذين أصابهم الضرر من جراء ضعف الأجرة المتفق عليها، ونتوقع خلال الأشهر القادمة وقبل نهاية شهر يوليو القادم أن يتم إنهاء تلك الإشكالية بقانون جديد يصدر من مجلس النواب».
س/ ما مصير الدعاوي المتداولة بالقضاء بعد تطبيق حكم الدستوريه؟
« القضايا المتداولة حاليا بالمحاكم ، لا جديد بها ولايمكن أن يتوقع أحد ماذا بعد حكم الدستورية؟، حتى يتم إصدار القانون الجديد، كى يتم تحديد الأجرة الجديدة، وذلك سوف يكون حسب مانتوقع عن طريق مجلس النواب أو لجان تحديد الأجرة مع نهاية تلك العقود على غرار الأشخاص الاعتبارية».
س/ ما هو الفرق بين الشخص الاعتباري والشخص الطبيعي؟
« الشخص الطبيعى هو الانسان العادى الذى يستخدم العين المؤجرة له في السكن، أما الشخص الاعتبارى فهى المصالح والشركات، فقد أطلق عليه القانون صفة الشخص الاعتبارى لأنها من الممكن أن تقوم تلك الشركات بالتأجير لصالحها مكان لخدمة مشروعها» .
أما عن البرلمان ونوابه الركن الأصيل في هذه الإشكالية، حيث يرسم خارطة طريق جديدة لمستقبل الإيجار القديم في مصر..
ماذا قال مجلس النواب في هذا الشأن؟
كلف مجلس النواب لجنة الإسكان بإعداد دراسة مستفيضة عن ملف قوانين «الإيجار القديم»، بما في ذلك تقييم أثرها التشريعي، وفق الخلفية التاريخية لهذه التشريعات، وأحكام المحكمة الدستورية المتعلقة بها.
حيث أن المحكمة الدستورية العليا لا تحل محل السلطة التشريعية، ولكن على الحكومة ومجلس النواب أن يلتمسا المعايير الدستورية السليمة لسن القوانين من خلال المبادئ التي تقرها المحكمة.
هل ستظل العقود الحالية سارية؟
نعم، حيث لا يجوز للمالك رفع دعوى لفسخ العقد أو زيادة المقابل بناء على هذا الحكم، إلا بعد الانتهاء من الدورة البرلمانية الحالية.
متى سيتم تطبيق حكم قانون الدستوريه؟
تطبيق أثر الحكم يبدأ من اليوم التالي لانتهاء الدورة التشريعية الحالية لمجلس النواب المصري.
هل سيتم تعديل مدة الإيجار؟
في القضية الحالية قالت المحكمة في حيثياتها إن على المشرع التدخل لتحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية "فلا يمكّن المؤجر من فرض قيمة إيجارية استغلالًا لحاجة المستأجر إلى مسكن يأويه، ولا يهدر عائد استثمار الأموال - قيمة الأرض والمباني - بثبات أجرتها بخسًا لذلك العائد فيحيله عدمًا".
كما أشارت في موضع آخر من الحيثيات إلى أن "ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتًا لا يزيله مضى عقود على التاريخ الذي تحددت فيه، ولا تؤثر فيه زيادة معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لقيمة الأجرة السنوية، واضمحلال عائد استثمار الأعيان المؤجرة بما يدنيه من العدم" يمثل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية.
يذكر أن المستشار الدكتور حنفي جبالى رئيس مجلس النواب قام بتشكيل لجنة مشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية،يكون إختصاصها الأول والأخير بعمل إجراء تحليل شامل لحيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا بشان عدم دستورية بعض مواد قانون الإيجار القديم،وذلك لتمكين المجلس من فهم وتقييم كل الجوانب المرتبطة بالإيجار القديم والتوصل للبدائل والحلول المناسبة لها وفق خطة ومنهجية عمل متأنية.
حيث شدد على أن تشتمل منهجية العمل على عدد من الإجراءات التى تمكن المجلس من فهم وإدراك هذا الملف الشائك، حيث تلخصت في نقاط..
الاستماع لرأي وزراء الإسكان والمرافق العامة، التضامن الاجتماعي، التنمية المحلية والعدل للاستفادة من رؤيتهم المتخصصة بما يعزز فهمنا للتحديات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بهذا الملف.
الاستماع لرأي كل من رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بما يضمن توفير بيانات و إحصاءات دقيقة حول الملف وإتاحة الفرصة لأطراف المصلحة الرئيسيين الملاك والمستأجرين للتعبير عن آرائهم ومواقفهم عبر دعوة ممثلين عنهم من خلال وزير شؤون المجالس النيابية والتواصل السياسي، وتخصيص اجتماعات منفصلة لكل طرف ليتمكن كل منهم من عرض وجهة نظره بشفافية وبيئة هادئة بلا أي ضغوط.
الاستماع لرأي أساتذة القانون وعلم الاجتماع بالجامعات المصرية وغيرهم من الخبراء لأخذ ارائهم العلمية في هذا الملف لضمان الحصول على رؤية متكاملة تجمع بين التحليل القانوني والمقاربة الاجتماعية.
إعداد الخطابات اللازمة للجهات المعنية للحصول على جميع البيانات الإحصاءات التي تساعد اللجنة على دراسة هذا الملف.
الاستعانة بالدراسات والبحوث التي أعدتها الجهات المعنية لهذا الملف على غرار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.